منتديات الحلم
أهلا وسهلا بك عزيزي الزائر , ادا كنت ترغب بالتسجيل معنا اضغط على كلمة التسجيل وادا كنت ترغب في المطالعة والاستفادة فالمنتدى منتداك وهو بيتك التاني ونتمنى لك قضاء اوقات سعيدة ومفيدة

اسرة منتديات الحلم

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات الحلم
أهلا وسهلا بك عزيزي الزائر , ادا كنت ترغب بالتسجيل معنا اضغط على كلمة التسجيل وادا كنت ترغب في المطالعة والاستفادة فالمنتدى منتداك وهو بيتك التاني ونتمنى لك قضاء اوقات سعيدة ومفيدة

اسرة منتديات الحلم
منتديات الحلم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اعلانات مجانية اضف اعلانك هنا



جديد المحاضرات

جديد ملخصات الدروووس

امتحانات ، طريقة الاجابة
انظم لمعجبني مدونتا واحصل على جديد الاخبار والوظائف و المحاضرات

اذهب الى الأسفل
ahmed
ahmed
الاعضاء الجدد
الاعضاء الجدد
ذكر

عدد المساهمات : 21

نقاط : 5245

ت.التسجيل : 06/06/2010

اين تعيش : TANGER

العمل/الترفيه : A travaillé dans la presse à imprimer

المزاج : CALME

قصص الأنبياء جميعاً تجدها هنا  Empty قصص الأنبياء جميعاً تجدها هنا

الجمعة 21 أكتوبر 2011, 21:24
بسم الله

آدم علية السلام

علة خلق آدم (ع)
يروى أن الأرض كانت، قبل خلق آدم (ع)، معمورة بالجن والنسناس والسباع،
وغيرها من الحيوانات، وأنه كان لله فيها حجج وولاة، يأمرون بالمعروف وينهون
عن المنكر.

وحدث أن طغت الجن وتمردوا، وعصوا أمر ربهم. فغيروا
وبدلوا، وأبدعوا البدع، فأمر الله سبحانه الملائكة، أن ينظروا إلى أهل تلك
الأرض، وإلى ما أحدثوا وأبدعوا، إيذاناً باستبدالهم بخلق جديد، يكونون حجة
له في أرضه، ويعبد من خلالهم.

ثم إنه سبحانه وتعالى قال لهم:
{إني جاعلٌ في الارض خليفة}. فقالوا: سبحانك ربنا: {أتجعل فيها من يفسد
فيها ويسفك الدماء} كما أفسدت الجن؟ فاجعل الخليفة منا نحن الملائكة، فها
نحن {نسبِّحُ بحمدك ونقدِّسُ لك}، ونطيعك ما تأمرنا. فقال عزّ من قائل:
{إنّي أعلمُ مالاتعلمون}.

وبعث اللهُ الملك جبرائيل (ع) ليأتيهُ
بترابٍ من أديم الأرض، ثم جعله طيناً، وصيَّرهُ بقُدرتهِ كالحمإ المسنون،
ثم كالفخّار، حيث سوّاه ونفخ فيه من روحه، فإذا هو بشرٌ سويّ، في أحسن
تقويم.

خلق حواء وزواج آدم منها

سمّى اللهُ سبحانه
وتعالى مخلوقه الجديد، آدم، فهو الذي خلقه من أديم الأرض، ثم إنه عزّوجلّ،
خلق حوّاء من الطين الذي تبقى بعد خلق آدم وإحيائه.

ونظر آدم (ع) فرأى خلقاً يشبهه، غير أنها أنثى، فكلمها فردت عليه بلغته، فسألها: "من تكون؟" فقالت: "خلق خلقني الله".

وعلَّم اللهُ آدمَ الأسماء كلها، وزرع في نفسه العواطف والميول، فاستأنس
بالنظر إلى حوّاء والتحدث إليها، وأدناها منه، ثم إنّهُ سألَ الله تعالى
قائلاً: "ياربّ من هذا الخلقُ الحسن، الذي قد آنسني قربه والنظر إليه؟!"
وجاءه الجواب: "أن ياآدم، هذه حوّاء.. أفتحبُّ أن تكون معك، تؤنسك وتحادثك
وتأتمر لأمرك؟" فقال آدم (ع): "نعم ياربّ، ولك الحمدُ والشكرُ مادمتُ حيا."
فقال عزّوجلّ: "إنّها أمتي فاخطبها إليّ". قال آدم (ع): "يارب، فإني
أخطبها إليك، فما رضاك لذلك؟" وجاءه الجواب: "رضاي أن تعلمها معالم ديني.."
فقال آدم(ع): "لك ذلك يارب، إن شئت". فقال سبحانه: "قد شئت ذلك، وأنا
مزوجها منك".

فقبل آدم بذلك ورضي به.

تكريم الله لآدم ورفض إبليس السجود له

أراد الله عزوجل، أن يعبد من طريق مخلوقه الجديد، فأمر الملائكة بالسجود
إكراماً له، بمجرد أن خلقه وسواه ونفخ فيه من روحه، فخرت الملائكة سُجّداً
وجثيّا.

وكان إبليس، وهو من الجن، كان في عداد الملائكة حينما
أمرهم الله بالسجود إكراماً لآدم(ع). وكان مخلوقاً من النار، شديد الطاعة
لربّه، كثير العبادة له، حتى استحق من الله أن يقربه إليه، ويضعه في صف
الملائكة... ولكن إبليس عصى هذه المرّة الأمر الإلهي، بالسجود لأدم(ع)،
وشمخ بأنفه، وتعزز بأصله، وراح يتكبر ويتجبر، وطغى وبغى، وظل يلتمس الأعذار
إلى الله سبحانه، حتى يعفيه من السجود لآدم(ع).

وما فتئ يتذرّعُ
بطاعته لله وعبادته له، تلك العبادة التي لم يعبد الله مثلها ملكٌ مقرَّب،
ولانبيٌّ مرسل... وأخذ يحتجُّ بأنّ الله خلقه من نار، وأن آدم مخلوق من
تراب، والنار خير من التراب وأشرف: {قال: أنا خيرٌ منه، خلقتني من نارٍ
وخلقته من طين}. {أأسجد لمن خلقت طينا}!.

ولما كان الله سبحانه
وتعالى، يريد أن يُعبَدَ كما يُريد هو، ومن حي يريد، لاكما يريد إبليس
اللعين هذا، صب عليه سوط عذاب، وطرده من الجنة، وحرّمها عليه، ومنعه من
اختراق الحجب، التي كان يخترقها مع الملائكة (ع).

ولما رأى إبليس
غضب الخالق عليه، طلب أن يجزيه الله أجر عبادته له آلاف السنين، وكان
طلبُه أن يمهله الله سبحانه في الدنيا إلى يوم القيامه، وهو ينوي الإنتقام
من هذا المخلوق الترابي، الذي حُرِمَ بسببه الجنة، وأصابته لعنة الله. كما
طلب أيضاً، أن تكون له سلطة على آدم وذريّته، وظلّ يكابر ويعاند، ويدّعي
أنّهُ أقوى من آدم، وخير منه: {قال: أرأيتك هذا الذي كرّمت عليّ، لئِنْ
أخّرتنِ إلى يوم القيامة، لأحتنكنَّ ذريته إلاّ قليلاً}.

آدم (ع) يستعين بالله

أعطى الله سبحانه وتعالى، أعطى إبليس اللعين ماطلبه وأحبه من نعيم الدنيا،
والسلطة على بني آدم الذين يطاوعونه، حتى يوم القيامة، وجعل مجراه في
دمائهم، ومقرّه في صدورهم، إلا الصالحين منهم، فلم يجعل له عليهم سلطانا:
{قال: إذهب فمن تبعك منهم فإنّ جهنم جزاؤكم جزاءً موفورا... إنّ عبادي ليس
لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا}.

وعرف آدم ذلك، فلجأ إلى ربّه
مستعصما، وقال: "يا ربّ! جعلت لإبليس سلطة عليّ وعلى ذرّيتي من بعدي، وليس
لقضائك رادٌّ إلاّ أنت، وأعطيته ما أعطيته، فما لي ولولدي مقابل ذلك؟" فقال
سبحانه وتعالى: "لك ولولدك: السيئة بواحدة، والحسنة بعشرة أمثالها" فقال
آدم (ع): "متذرعاً خاشعا: يارب زدني، يارب زدني". فقال عزّوجلّ: "أغفِرُ
ولاأُبالي" فقال آدم (ع) "حسبي يارب، حسبي".

نسيان آدم وحواء وخطيئتهما

أسكن الله سبحانه آدم وحواء الجنة، بعد تزويجهما: {وإذ قلنا ياآدم أسكن
أنت وزوجك الجنة} وأرغد فيها عيشهما، وآمنهما، وحذّرهما إبليس وعداوته
وكيده، ونهاهما عن أن يأكلا من شجرة كانت في الجنة، تحمل أنواعاً من البر
والعنب والتين والعناب، وغيرها من الفواكه مما لدّ وطاب: {وكلا منها رغداً
حيث شئتما ولاتقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين}.

وجاءهما
الشيطان بالمكر والخديعة، وحلف لهما بالله أنه لهما لمن الناصحين، وقال:
إني لأجلك ياآدم، والله لحزين مهموم... فقد أنست بقربك مني... وإذا بقيت
على هذا الحال، فستخرج مما أنت فيه إلى ما أكرهه لك.

نسي آدم(ع)
تحذير الله تعالى له، من إبليس وعداوته، وغرّه تظاهر إبليس بالعطف عليه
والحزن لأجله، كما زعم له، فقال لإبليس: "وما الحيلة التي حتى لاأخرج مما
أنا فيه من النعيم؟" فقال اللعين: "إنّ الحيلة معك:" {أفلا أدلك على شجرة
الخلد ومُلكٍ لايبلى}؟ وأشار الى الشجرة التي نهى الله آدم وحوّاء عن الأكل
منها، وتابع قائلاً لهما: {مانهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلاّ أن تكونا
ملكين أو تكونا من الخالدين}.

وازدادت ثقة آدم(ع) بإبليس اللعين،
وكاد يطمئن إليه وهو العدوّ المبين، ثم إنّه استذكر فقال له: "أحقاً
ماتقول": فحلف إبليس بالله يميناً كاذباً، أنّهُ لآدم من الناصحين، وعليه
من المشفقين، ثم قال له: "تأكل من تلك الشجرة أنت وزوجك فتصيرا معي في
الجنة إلى الأبد".

لم يظنّ آدمُ(ع)، أنّ مخلوقاً لله تعالى يحلف
بالله كاذباً، فصدقه، وراح يأكل هو وحوّاء من الشجرة، فكان ذلك خلاف ما
أمرهما به الله سبحانه وتعالى.

الخروج من الجنة

ماكاد
آدم وحوّاءُ، يأكلا من الشجرة التي نهاهما الله عن الأكل منها، حتى نادى
منادٍ من لدن العرش الإلهي، أن: "ياآدم، اخرج من جواري، فإنه لايُجاوِرُني
مَن عصانيْ".

وبكى آدم(ع) لما سمع الأمر الإلهيّ له بالخروج من
الجنة... وبكت الملائكة لهذا المخلوق الذي سجدت له تكريماً. فبعث الله عزّ
وجلّ جبرائيل(ع)، فأهبط آدم إلى الأرض، وتركه على جبل سرنديب في بلاد
الهند، وعاد فأنزل حوّاء إلى جُدَّة..

ثم أنّ الله سبحانه
وتعالى، أمر آدم أن يتوجّه من الهند إلى مكة المكرّمة، فتوجّه آدم إليها
حتى وصل إلى الصفا... ونزلت حواء بأمر الله إلى المروة، حتى التقيا من جديد
في عرفة. وهناك دعا آدم ربّه مستغفراً: اللهم بحق محمد وآله والأطهار،
أقلني عثرتي، واغفر لي زلتي، وأعدني إلى الدار التي أخرجتني منها.

الرحمة والغفران

{وتلقى آدم من ربّه كلماتٍ فتاب عليه}.

وأوحى الله عزوجلّ إلى جبرائيل(ع): إني قد رحمت آدم وحوّاء، فاهبط عليهما
بخيمةٍ من خيم الجنة، واضربها لهما مكان البيت وقواعده، التي رفعتها
الملائكة من قبل، وأنرها لهما بالحجر الأسود. فهبط جبرائيل(ع) بالخيمة
ونصبها، فكان المسجد الحرام منتهى أوتادها، وجاء بآدم وحواء إليها.

ثم إنّه سبحانه أمر جبرائيل بأن يُنَحّيهما منها، وأن يبني لهما مكانها
بيتاً بالأحجار، يرفع قواعده، ويتم بناءه للملائكة والخلق من آدم وولده،
فعمد جبرائيل إلى رفع قواعد البيت كما أمره الله.

وأقال الله آدم
عثرته، وغفر زلته، ووعده بأن يعيده إلى الجنة التي أُخرج منها. وأوحى
سبحانه إليه، أن: "ياآدم، إني إجمع لك الخير كله في أربع كلمات: واحدة منهن
لي، أن تعبدني، ولاتشرك بي شيئاً، وواحدة منهن لك: أجازيك بعملك، أحوجَ
ماتكون، وكلمة بيني وبينك: عليك الدعاء ومني الإجابة، وواحدة بينك وبين
الناس من ذريتك، ترضى لهم ماترضى لنفسك.

وهكذا، أنزل الله على آدم(ع) دلائل الألوهية والوحدانية، كما علمه الفرائض والأحكام والشرايع، والسنن والحدود.

قابيل يقتل هابيل

كان قابيل أول أولاد آدم(ع). فلما أدرك سنّ الزّواج، أظهر الله سبحانه
جنية يقال لها جهانة، في صورة إنسية، فلما رآها قابيل أحبها، فأوحى الله
تعالى إلى آدم(ع) أن يزوجها من قابيل ففعل.

ثم لما ولد هابيل،
الإبن الثاني لآدم (ع). وبلغ مبلغ الرجال، أهبط الله تعالى إحدى حوريّات
الجنة، فرآها هابيل وأحبها، فأوحى الله لآدم (ع) أن يزوجه بها.


ثم إن الله سبحانه وتعالى، أمر نبيه آدم (ع)، أن يضع مواريث النبوة والعلم
عند ولده هابيل، ويعرفه بذلك... ولما علم قابيل بذلك، غضب واعترض أباه
قائلاً: "أنا أكبر من هابيل، وأنا أحق بهذا الأمر منه".

وتحيّر
آدم(ع)، فأوحى الله إليه أن يقول لابنه قابيل: "يابني، إنّ الأمر لم يكن
بيدي، وإنّ الله هو الذي أمرني بذلك، ولم أكن لأعصي أمر ربي ثانية، فأبوء
بغضبه، فإذا كنت لاتصدقني، فليقرب كل واحدٍ منكما قرباناً إلى الله،
وأيُّكما يتقبَّل الله قربانه، يكن هو الأولى، والأحق بالفضل ومواريث
النبوة.

قدّم قابيل قرباناً من أيسر ملكه، وقدّم هابيل قربانه من
أحسن ماعنده... فتقبل الله سبحانه قربان هابيل، بأن أرسل ناراً تركت قربان
قابيل كما هو، ممّا أثار حفيظة قابيل، وأجّج نار الحقد في صدره.

ووسوس له الشيطان بأن: اقتل أخاك فينقطع نسله، وتُريحُ أولادك من بعدم إن
كان لك ولد، ثم لايجد أبوك من يعطيه المواريث سواك، فتفوز بها، وذريتك من
بعدك..

وسوّلت له نفسه قتل أخيه هابيل، فقتله... وكانت أوّل جريمة على وجه الأرض، نفّرَت الوحوش والسّباع والطيور، خوفاً وفرقا.

ولم يدر قابيل كيف يخفي جريمته... وماذا يصنع بجسد أخيه الملقى على الأرض
بلا حراك؟... ويبعث الله تعالى غرابين يقتتلان في الجو، حتى يقتل أحدهما
الآخر، ثم يهوي وراءه إلى الأرض، فيحفر، بمخالبه حفرة، يدفن فيها صاحبه،
وقابيل ينظر ويرى.

أدرك قابيل عجزه وضعفه وقال: "ياويلتا أعجزت
أن أكون مثل هذا الغُراب فأواري سوأة أخي} وأدفنُ جُثّتهُ، كما دفن هذا
الطائر الصغير الحقيرُ صاحِبُه المقتول؟! {فأصبح من النّادمين}.

ذرية آدم(ع)

ولد لآدم وحواء سبعون بطنا، على مايُروى، وكان أوّل أولادهما قابيل ثم هابيل اللذين لم ينجبا على مايبدو...

ولكن الله جلّ وعلا وهب لآدم وحوّاء إبنهما شيثا (هبة الله) ومن بعده ولد
لهما يافث.. فلما أدركا وبلغا مبلغ الرجال، وأراد الله أن يبلغ بالنسل
مانرى... وأن يكون ماقد جرى به القلم، من تحريم ماحرّم الله تعالى، من زواج
الإخوة وبالأخوات أنزل سبحانه من الجنة حوريتين، هما نزلة ومنزلة، وأمر
آدم أ، يزوجهما من شيث ويافث، فكان ذلك... وولد لشيث غلامٌ، وولدت ليافث
جارية، فأمر الله تعالى أن يزوج آدم (ع) إبنة يافث من ابن شيث.


ولم يحرم الله آدم وحوّاء من الإناث، فقد رزقهما الله ابنة أسمياها عناق،
تزوجت وولدت ولداً اسمه عوج، وصار فيما بعد جباراً شقياً، عدواً لله
ولأوليائه، فسلط الله عليه وعلى أمه عناق من قتلهما.

وفاة آدم وحوّاء

انقضت أيام آدم(ع)، فأمره الله أن يوصي إلى ولده شيث، ويدفع إليه مواريث
النبوة والعلم والآثار، وأمره بأن يكتم هذا الأمر عن قابيل، حتى لاتتكّرر
الجريمة المأساة، ويقتله كما قتل أخاه هابيل من قبل.

وتوفي
آدم(ع) ولهُ من الذريّة من ولده وأولاد ولده العدد الكثير، بعد أن عمّر
تسعمائة وستين سنة، ودفن في جبل أبي قبيس، ووجهه إلى الكعبة المشرَّفة على
ماذكر في كتب السير. ولم تعمرّ حواء بعد آدم إلاّ قليلاً، عاماً واحداً
مرضت بعده وماتت، ودفنت إلى جانب آدم(ع).

وفي أيام النبي
نوحٍ(ع)، وعندما حصل الطوفان، أوحى الله سبحانه إلى نوحٍ أن يحمل معه في
السفينة جثمان أبيه آدم (ع) إلى الكوفة، فحمله إلى ظهر الكوفة، وهو النجف
الأشرف، حيث دفنه هناك في المكان المعروف بمرقد نوحٍ(ع)..




لوط علية السلام

نسب لوط(ع) وأحواله
هو لوط بن هاران أخ إبراهيم(ع) لأبيه تارخ أي آزر بن ناحور بن ساروغ بن راغو بن فالغ بن شالح بن أفخشذ بن سام بن نوح عليهم السلام.

ولد لوط(ع) في العراق في قرية من قرى الكوفة يقال لها "كوثار" أو "فدّان
آرام" وأمه أخت أمّ إبراهيم(ع) وهي ابنة لاحج، وكان نبياً منذراً لم يرسل
إلى أحد.

ولوط(ع) هو أخو سارة زوجة إبراهيم(ع) لأمّها.

وكان متحلياً بالتقوى والصبر على المحن وطاعة الله تعالى والشكر له على كل
نعمة ودفع النقم، كما كان في غاية الكرم والإستمساك بالذمام وحفظ الجار
والضيف، غنياً ذا ثروة من الذهب والفضة وصاحب إبلٍ وغنمٍ وبقرٍ كثير، وله
عبيدٌ وإماءٌ كثرٌ.

عاش لوط(ع) في زمن إبراهيم(ع) وولديه إسماعيل
وإسحاق عليهما السلام، ولما بُعث إبراهيم(ع) نبياً رسولاً آمن لوط(ع)
بنبوَّته ودعا إليه وإلى شريعته، كما ذكر ذلك الله تعالى في كتابه العزيز
حيث قال عز من قائل في قصة إبراهيم(ع): {فآمن له لوط}.

ولمَّا
اضطرّ إبراهيم(ع) إلى الخروج من وطنه العراق بسبب مضايقة الكافرين له، هاجر
لوط(ع) معه كما ورد في القرآن الكريم: {وقال إني مهاجرٌ إلى ربي}.

وتبع لوط(ع) إبراهيم(ع) في رحلاته، وقد ورد ذكره(ع) في أربع عشرة سورة من
سور القرآن الكريم هي على التوالي: سورة الأنعام، سورة الأعراف، سورة
هود(ع)، سورة الجحر، سورة الأنبياء، سورة الحج، سورة الشعراء، سورة النمل،
سورة العنكبوت، سورة الصافات، سورة ص، سورة ق، سورة القمر، وسورة التحريم.

إلى سدوم

خرج لوط(ع) مع إبراهيم(ع) في رحلته من العراق إلى الشام وفلسطين، حيث
استقرَّ لوط(ع) في سدون بالقرب من عاموراء، على شاطئ البحر الميت، في
مايعرف اليوم بالأردن.

كان أهل سدوم قوماً بخلاء يستثقلون الضيف
ويسعون للتخلص منه بشتى الوسائل، وكانوا يسمَّون "أهل المؤتفكة" لأنّهم
كانوا أهل إفكٍ ولهوٍ ولغوٍ ودجلٍ وباطلٍ وفساد، لايستحيون من فعل القبيح،
يأتون المنكرات بمحضر النساء والبنات كما وصفهم الله تعالى حيث وجّه الخطاب
إليهم على لسان نبيِّه لوط(ع): {وتأتون في ناديكم المنكر}.

ليس
هذا فحسب، بل كان أهل سدوم أهل ظلم وجور، حتى أن القاضي عندهم كان يحكم لهم
على الغرباء، بحقٍ وبغير حق، حيث يُروى أن سارة زوجة إبراهيم(ع) بعثت إلى
سدوم رسولاً من قبلها ليستطلع لها أخبار أخيها لوط(ع) ويأتيها بها. فلما
وصل الرسول إلى تلك البلاد لقيه رجل من أهلها وضربه بحجر على رأسه، فسال
دمه على وجهه وثيابه، ثم أن ذلك الرجل تعلَّق برسول سارة وأخذ يطالبه بأجر
على فعلته تلك، بحجة أنَّ الدم الذي سال لو بقي لأضرَّ بجسم الرسول. وبعد
مشاحنات ومجادلات دعاه رسول سارة إلى القضاء وهو لايعرف ماذا ستكون
النتيجة...

وتوجها إلى قاضي سدوم فما كان منه إلا أن حكم على
الرسول المضروب للرجل المعتدي... فعمد رسول سارة إلى حجر وضرب به راس
القاضي فشجّه وأسال دمه وولى هارباً وهو يقول له: "ادفع إلى ضاربي هذا
مايتوجب لي عليك لقاء ضري إياك".

ومهما يكن من أمر صحة هذه
الرواية وطرافتها سواء أكانت صحيحة أم مروية على سبيل التندّر والتهكم
والمبالغة في التدليل على ظلم أهل سدوم، فإنها تبقى دليلاً على أن أهل تلك
البلاد كانوا يتجاوزون الحدود في أعمالهم وتصرفاتهم.

ويحدثنا
المؤرخون أن أهل سدوم كلهم باستثناء أهل بيت واحد هو بيت لوط(ع) كانوا
يتضارطون في مجالسهم ونواديهم، ويجتمعون على نكاح الرجل الغريب، ويتوالون
على ذلك حتى في محضر نسائهم وبناتهم، كما كانوا يخذفون الغرباء الذين يمرون
في ديارهم بالحجارة، فأيهم أصابه حجر أخذوا ماله ونكحوه، وكان لهم قاضٍ
يفتي لهم بذلك، بلاحشمة أو حياء، حتى أنهم قطعوا الطريق على المارة خشية
هذه الفاحشة المنكرة.

لوط(ع) ينصح أهل سدوم

رأى لوط(ع)
عمل أهل تلك البلاد، فساءه ذلك منهم، خصوصاً وأنه كان يعيش بين ظهرانيهم
وقد تزوج امرأة منهم، وحاول (ع) إصلاح حالهم، فدعاهم إلى عبادة الله الواحد
الأحد، ونهاهم عن الفواحش والمحرمات والمنكرات التي كانوا يرتكبونها. وقد
قصَّ القرآن الكريم قصّة تلك الدعوة فقال: {ولوطاً إذ قال لقومه: أتأتون
الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين؟ إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون
النساء! بل أنتم قوم مسرفون}.

أما أهل سدوم فكانت ردة فعلهم على
هذه الدعوة معاكسة، فراحوا ينهون لوطاً عن استقبال الضيوف ويهددونه
بالإخراج من بلادهم إن هو أصر على دعوته وملاحظاته وتأنيبه لهم، ومازادتهم
دعوته إلاّ إصراراً على منكرهم، واستمروا في كفرهم وفجورهم، كما حكى ذلك
القرآن الكريم: {وماكان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم
إنهم أناس يتطهرون}.

واستمر لوط(ع) في نصحة وإرشاده، فما كان
منهم إلا أن اشترطوا عليه ألاَّ يضيف أحداً من الناس، وإلا طردوه من
ديارهم، ولكنه(ع) راح يكرر دعوته لهم، رغم مضايقاتهم له، محاولاً ثنيهم
وردعهم عن ارتكاب المحرمات والفواحش، ولكن برفقٍ ولينٍ هذه المرَّة قائلاً
لهم: {أتأتون الذكران من العالمين. وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم؟ بل
أنتم قوم عادون}!

ولكن الشيطان كان قد استحوذ عليهم وطمس على
قلوبهم وأبصارهم وعقولهم، حتى أن لوطاً(ع) كاد ييأس من إصلاح حالهم
وهدايتهم إلى الصراط المستقيم، وراح يتطير بالضيوف ويتحاشى استقبالهم، خشية
معرفة هؤلاء القوم بهم وسعيهم لارتكاب الفاحشة فيهم.

فقد حدث أن
بعث الله الملائكة الذين أمرهم بإنزال العقوبة بأهل سدوم، بعثهم ضيوفاً
على لوط(ع) ولوط لايعرف مَنْ هم ولاماذا يريدون، فاستاء من حضورهم وارتبك
كما قال تعالى: {ولما جاءت رسلنا لوطاً سئ بهم، وضاف بهم ذرعاً، وقال هذا
يوم عصيب} وبات لايدري ماذا يفعل حتى يصرفهم، قبل أ، يعلم أهل سدوم
بقدومهم.

زوجة لوط(ع) لاتحفظ سره

ورد الملائكة(ع) على
لوط عليه السلام وهو في أرض له يسقي زرعها، ويعمل فيها، وهو لايعرفهم،
فطلبوا منه أن يضيفهم عنده فاستحيا ألا يجيبهم إلى طلبهم، رغم ما كان يخشاه
عليهم من أهل سدوم، فانطلق أمامهم وراح يلمح لهم في كلامه عن فعل أهل تلك
البلاد وسوء تصرفهم، علَّ الضيوف يعلمون فيغيرون رأيهم وينطلقون إلى قرية
أخرى يستضيفون أهلها، ولكن الملائكة كانوا يعلمون كل شئٍ عن أفعال أهل
سدوم. وكانوا على يقين أنه لن يصيبهم منهم أذى ولا حتى لوط(ع)..

وعرف الملائكة الضيوف مقصد لوط(ع)، ولكنهم قالوا له: نحن أبناء سبيل، أفلا تضيفنا هذه الليلة عندك؟.

قال لوط(ع): إن أهل هذه القرية قوم سوء يأتون المنكر، فهم ينكحون الرجال ويأخذون أموالهم..

فقال الملائكة: لقد تأخرنا فأضفنا الليلة فقط.. وظل يحادثهم في الحقل حتى
أرخى الليل سدوله، وهو يقصد أن يذهب بهم إلى بيته دون أن يشعر أهل سدوم
بهم.

ثم إن لوطاً(ع) انطلق أمامهم إلى منزله، وأخبر زوجته واهله
بأمرهم، قائلاً لها: إنه قد أتانا أضياف هذه الليلة فاكتمي أمرهم ولاتعلمي
أهلك بهم، ولكِ عليَّ أن أسامحك بكل مابدرَ منك تجاهي من أذى إلى اليوم..
فقالت: أفعل.

كانت امرأة لوط(ع) على دين قومها، وكانت بينها
وبينهم علامة تدلهم ما إذا كان لوط(ع) قد ضيّف أحداً أم لا... وكانت تلك
العلامة أن تدخن فوق السطح نهاراً، وأن تشعل فوقه النار ليلاً.


وما أن دخل الملائكة الضيوف منزل لوط(ع) وهو معهم، حتى قامت زوجته وأوقدت
ناراً فوق سطح المنزل، ليعلم قومها بضيوف لوط(ع). وهكذا أفشت أمرهم.

لوط (ع) يدافع عن ضيوفه

رأى أهل سدوم النار فوق سطع منزل لوطٍ(ع) وكانت علامة على وجود الضيوف،
فتوافدوا إليه يريدون الأضياف ويتهددون لوطاً(ع) قائلين: {أولم ننهك عن
العالمين}.

وقد حكى الله ذلك عنهم في كتابه الكريم فقال: { وجاء
أهل المدينة يستبشرون. قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون}. وقال: {وجاء قومه
يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات. قال ياقوم هؤلاء بناتي هن أطهر
لكم فاتقوا الله ولاتخزون في ضيفي}.

وأصر أهل سدوم على طلبهم
وفعلتهم، فتعجب لوط(ع) من أمرهم وتحير، ولكنه راح يدفعهم ويحول بينهم وبين
الوصول إلى ضيوفه، ويجادلهم محاولاً إقناعهم بالإقلاع عن هذه الفاحشة
المنكرة، وأنه ما من إنسان عاقل رشيد يقدم على ارتكاب فاحشة اللواط التي
يقدمون عليها: {أليس منكم رجل رشيد}؟ تحترمون رأيه لينهاكم عن مثل ذلك؟!

ولكن القوم، وقد أعمى الشيطان بصائرهم، ظلوا يتدافعون للوصول إلى الضيوف..
فراح لوط(ع) يلفتهم إلى أن الله قد أحل لهم النساء وفيهن غنى عن إتيان
الرجل وارتكاب تلك الفاحشة المخزية المردية. قائلاً لهم: {ياقوم هؤلاء
بناتي إن كنتم فاعلين. هن أطهر لكم فاتقوا الله ولاتخزون في ضيفي... قالوا:
لقد علمت مالنا في بناتك من حق وإنك لتعلم مانريد}.

ولما لم
ينفع معهم أسلوب اللين والإغراء وتحقيق مطلبهم دون ارتكاب المحرم... أدرك
اليأس لوطاً(ع) وعلم أنه يستحيل إصلاحهم وقد فسدت فطرتهم التي فطرهم الله
عليها، فقال(ع): {لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد}.

ولم
يكن له بهم قوة فآوى إلى ركن شديد... لجأ إلى الله يبثه شكواه ومعاناته من
أهل سدوم وهو يتهددهم بعذاب الله الشديد.. ولكنهم هزئوا به وسخروا منه
وقالوا له: {ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين}.

الضيوف رسل العذاب

ولم ينفع الوعد والوعيد في ثني أهل سدوم عن ضلالتهم، فراح لوط(ع) يدعو ربه
أن يخلصه منهم ومما يعملون، وقد ازداد خوفه وقلقه على ضيوفه، وهو يرى قومه
يتدافعون إلى المنزل وهو لايقوى على ردعهم بأي وسيلة و{قال: رب انصرني على
القوم المفسدين}.

وجار الرد الإلهي سريعاً وعلى لسان الضيوف
الملائكة، فقالوا: {يالوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك، فأسر بأهلك بقطع من
الليل ولايلتفت منكم من أحد إلا امرأتك إنها مصيبها ما أصابهم إن موعدهم
الصبح أليس الصبح بقريب}.

وخاف لوط وحزن ولكن الملائكة طمأنوه:
{وقالوا: لاتخف ولاتحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين. إنا
منزلون على أهل هذه القرية رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون}.


وبدأت نذر العذاب تظهر بينما القوم يراودون لوطاً(ع) عنضيفه: {ولقد راودوه
عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر}.. فما هي إلا لحظات حتى أصيب
القوم بالعمى، وراحوا يتحسسون الحيطان ليهتدوا إلى الطريق، ومع ذلك لم
يرعووا عن غيهم وضلالهم ولم يعتبروا بما حدث لهم، فأخذوا ستهددون لوطاً(ع)
ويتوعدونه قائلين: إذا كان الغد كان لنا وله شأن.

وخرج لوط(ع) من
سدوم دون أن يلتفت ومعه ابنتاه ولم يخرج معه منهم إلا امرأته.. وتوجه إلى
حيث أمره الله تعالى... إلى صوعر وبينا هم في الطريق إذ جاءت الصيحة تعلن
نزول العذاب بأهل سدوم. فصرخت امرأة لوط: واقوماه فسقط عليها حجر فدمغها
وألحقها بقومها وقد {صبحهم بكرة عذاب مستقر} وجعل الله عالي بلادهم سافلها
وأمطر عليها {حجارة من سجّيل منضود. مسومة عند ربك}.

وكانت سبع
مدن يسكنها أربعة آلاف أو أربعمئة ألف، وقد أخرج الله من كان فيها من
المؤمنين وماكان فيها {غير بيت من المسلمين} هو بيت لوط(ع) {فنجيناه وأهله
أجمعين إلا عجوزاً في الغابرين ثم دمرنا الآخرين}. ذلك أن الله سبحانه أمر
جبرائيل فاقتلع تلك البلاد بطرف جناحه، ورفعها حتى بلغ بها عنان السماء. ثم
قلبها بمن فيها وما فيها، فجعل عاليها سافلها، وجعل الله مكانها بحرة
منتنة لاينتفع بمائها ولابما حولها من الأراضي المحيطة بها، فصارت عبرة لمن
اعتبر وآية على قدرة الله وعذابه: {وإنها لبسبيل مقيم} {وإنكم لتمرون
عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون} وكما قال تعالى: {ولقد تركناها آية بينة
لقوم يعقلون... وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم}.


وهكذا لم تنج إلا قرية صوعر التي لجأ إليها نبي الله لوط(ع).. يقول تعالى:
{كذبت قوم لوط بالنذر. إنا أرسلنا عليهم حاصباً إلا آل لوط نجّيناهم بسحر.
نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر. ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر. ولقد
راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر. ولقد صبحهم بكرة عذاب
مستقر. فذوقوا عذابي ونذر. ولقد يسَّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر}.

{ والمؤتفكة أهوى فغشاها ماغشى فبأي آلاء ربك تتمارى} {إن في ذلك لآية وماكان أكثرهم مؤمنين. وإن ربك لهو العزيز الرحيم}.

وفاة لوط(ع)

لبث لوط بين أهل سدوم حوالي ثلاثين عاماً، يدعوهم إلى عبادة الله، وينهاهم
عن ارتكاب الفواحش، وينصح لهم كما أمره الله بذلك إلى أن حق عليهم العذاب
ودمر الله عليهم بلادهم بعد أن لم يرتدعوا ولم يؤمنوا بلوط(ع).


ويذكر المؤرخون أنَّ لوطاً(ع) لما أمره الله بترك سدوم. توجه إلى صوعر. يحث
نجاه الله برحمته، فظل يدعو إليه ويتعبد له إلى أن وافاه الأجل.

وظلت قصته مع قومه عظة وعبرة لمن {خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى}.

فسلام على لوط {وإن لوطاً لمن المرسلين}.






موسى وهارون عليهما السلام

-1 أما موسى: فهو من كبار أولي العزم من الرسل، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ
أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ
وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ * فَلَمَّا جَاءهُمْ
بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا
مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي
ضَلالٍ} [غافر: 23-25]
-2 وأما هارون: فهو شقيق موسى، وقد بعثه الله
رسولاً مع موسى ووزيراً له في رسالته ومعيناً له في دعوته، قال تعالى في
شأنهما: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى
فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا
مُجْرِمِينَ * فَلَمَّا جَاءهُمْ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ
هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ} [يونس: 75-76]



نسبهما:

هما ابنا عمران (عمرام بالعبري) بن قاهت "قاهات" بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن.

وأمهما يوكابد بنت لاوي عمة عمران، ولم يكن الزواج بالعمة حينئذ محرماً، ثم نزل تحريم ذلك على موسى.

وهارون أسبق ميلاداً من موسى بثلاث سنين، ولهما شقيقة اسمها مريم كانت فوق سن الإِدراك حينما ولد موسى.



حياة موسى وهارون عليهما السلام في فقرات:

(أ) أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياة موسى وهارون ما يلي:

-1 ولد موسى بعد (64) سنة من وفاة يوسف، أي: بعد (425) سنة من ميلاد
إبراهيم وبعد (250) سنة من وفاته، وعاش نحو (120) سنة، والله أعلم.

-2 قبل ميلاد موسى أصاب العبرانيين اضطهاد من فرعون في أرض مصر، وبلغ
الاضطهاد ذروته إذ أصدر فرعون أمره بقتل كل مولود ذكر للعبرانيين "بني
إسرائيل"، وفي هذه الأثناء ولد موسى، فأوصى الله إلى أمه: {أَنْ
أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا
تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ
الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7].

-3 فأرضعته أمه ثلاثة أشهر، ثم خافت
افتضاح أمرها، وخشيت عليه من جنود فرعون المكلَّفين بالبحث عن أولاد
العبرانيين الذكور، فصنعت له صندوقاً يحمله في الماء، وألقته في النيل.

-4 وساق الماء الصندوق حتى دنا قصر فرعون المشرف على النيل، ومريم أخت
موسى تراقبه عن بعد وتتبع أثره، حتى هيأ الله لهذا الصندوق من يلتقطه من
نساء القصر الفرعوني.

قالوا: وقد التقطته ابنة فرعون وأحبته،
وأدخلته البلاط الفرعوني، وقد علموا أنه عبراني، وأنه محكوم عليه بالقتل
بموجب الأمر الفرعوني العام.

ولما رأته امرأة فرعون قذف الله
محبته في فؤادها، واسمها (آسية)، ثم كانت امرأة مؤمنة ضرب الله بها المثل
في كتابه: {إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ
وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ
الظَّالِمِينَ} [التحريم: 11].

فطلبت آسية من فرعون -بما لها من
دالَّة- أن يبقيه على قيد الحياة ليكون قرة عين لها وله - ولعلهم كانوا في
شوق لولد ذكر -، وقالت له: عسى أن ينفعنا إذا كبر عندنا، أو نتخذه ولداً.

وأسموه في القصر (موسى) أي: المنتشل من الماء.

قالوا: وأصل ذلك في اللغة المصرية القديمة: (موريس)، أخذاً من (مو) بمعنى ماء و (أوريس) بمعنى منتشل.

-5 وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً من الهمِّ والقلق على ولدها لما علمت نجاة ولدها، وتبنِّي القصر الملكي له.

-6 بحث نسوة البلاط الفرعون عن مرضع للطفل، فكانوا كلما جاؤوا بمرضع له رفض ثديها.

لقد حرم الله عليه المراضع، وألهمه رفض ثُدِيِهنَ، وذلك ليعيده إلى أمه
ويُقرَّ به عينها، ولما رأت أخته مريم أنهم أحبوه واستَحيوه، وهم يبحثون عن
مرضع له -ولعلَّها كانت معتادة دخول القصر الفرعوني- قالت لهم: {هَلْ
أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ
نَاصِحُونَ} [القصص: 12]؟ فوافقوا، فدعت أمها، فعرضت عليه ثديها فامتصه
بنَهمٍ وشوق، فاستأجروها لإِرضاعه وكفالته.

وبذلك ردّ الله موسى إلى أمه كي تقرّ عينها به، ولا تحزن على فراقه، ولتعلم أن وعد الله حق، فقد رده الله إليها كما أوحى إليها.

-7 تمت مدّة رضاع موسى وكفالته على يدي ظئره في ظن البيت الفرعوني، ويدي
أمه في الحقيقة، وأعيد إلى قصر الملك فنشأ وتربى فيه، حتى بلغ أشُدَّه
واستوى، وآتاه الله صحة وعقلاً، وقوة وبأساً.

وإذْ أراد الله أن يجعله رسولاً من أولي العزم، ذا شأن في تاريخ الرسالات السماوية، فقد آتاه حكماً وعلماً.

-8 ومما لا شك فيه أنه ظل على صلة بمرضعته -أمه في الحقيقة- التي عرف منها
ومن بقية أسرته قصة ولادته ونشأته في القصر الفرعوني، وأنه إسرائيلي من
هذا الشعب المضطهد، المسخَّر في مصر على أيدي فرعون وآله وجنوده.

وبالنظر إلى صلته ومكانته في القصر الفرعوني، فقد جعل يعمل على تخفيف
الاضطهاد عن بني إسرائيل، ويدفع عنهم الظلم بقدر استطاعته، فصار
الإِسرائيليون في مصر يستنصرون به في كل مناسبة.

-9 مرّ موسى ذات
يوم في طُرُق المدينة، في وقت خلت فيه الطرقات من الناس -ولعل الأمر كان
ليلاً- فوجد رجلين يقتتلان، أحدهما إسرائيلي والآخر مصري.

قالوا:
وكان السبب أن المصري الفرعوني أراد أن يسخِّر الإِسرائيلي في عمل، فأبى
عليه الإِسرائيلي. ولما رأى الإِسرائيلي موسى استغاث به، فجاء موسى -وكان
قوياً شديد البأس- فأخذ بجمع يده فوكز المصري وكزة كانت الضربة القاضية
عليه، فلما رآه قتيلاً بين يديه- ولم يكن يريد قتله- قال: {هذا من عمل
الشيطان إنه عدو مضل مبين} ورجع يستغفر الله مما فعل.

وأصبح موسى
في المدينة خائفاً يترقب، يمرّ في طرقاتها على حذر، وبينما هو في طريقه
إذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه مرة ثانية، فأقبل عليه موسى وقال له: {إنك
لَغَوي مب8ين}، أي: صاحب فتن ورجل مخاصمات، ومع ذلك أخذته حماسة الانتصار
للإِسرائيلي، فأراد أن%2يبطش بالذي هو عدوّ لهما، لكنّ الإِسرائيلي ظن أنه
يريد أن يبطش به فقال له: {يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا
قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي
الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْمُصْلِحِين} [القصص: 19].



فالتقط الناس كلمة الإِسرائيلي وعرفوا منها أن موسى هو الذي قتل المصري
بالأمس، وشاع الخبر ووصل إلى القصر الفرعوني، فتذاكر آل فرعون في أمر موسى
والقصاص منه، ولم يَعدم موسى رجلاً ناصحاً مخلصاً ممن له صلة بالقصر، فجاءه
من أقصى المدينة - وربما كان ذلك من القصر نفسه، لأن العادة في القصور
الملكية أن تكون في أماكن بعيدة عن المساكن العامة وحركة المدينة - وقال
له: {يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين}.

-10 قبل موسى نصيحة الرجل، فخرج من المدينة خائفاً يترقب، وهو يقول: {ربّ نجني من القوم الظالمين}.

واتجه إلى جهة بلاد الشام تلقاء مدين، وسار بلا ماء ولا زاد، قالوا: وكان
يقتات بورق الأشجار، حتى وصل إلى مدين، وفي مدين سلالة من الأسرة
الإِبراهيمية منحدرة من مدين "مديان" بن إبراهيم - أحد أعمام بني إسرائيل
-، ولعله قصدها عامداً لعلمه بصلة القربى مع أهلها.

-11 وصل موسى
بعد رحلة شاقة إلى مدين، فلما ورد ماءها وجد عليه أُمَّة من الناس يسقون،
ووجد من دونهم امرأتين تذودان أغنامهما عن الماء، منتظرتين حتى يتم الرعاة
الأقوياء سقيهم.

أخذت موسى غيرة الانتصار للضعيف فقال لهما: ما
خطبكما؟ قالتا: {لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ}، واعتذرتا عن
عملهما في السقي دون الرجال من أسرتهما فقالتا: {وَأَبُونَا شَيْخٌ
كَبِيرٌ} [القصص: 23] أي: فهو لا يستطيع القيام بهذه المهمة.


فنهض موسى وسقى لهما، وانصرفتا شاكرتين له، مبكرتين عن عادتهما، وتولّى
موسى إلى الظل، وأخذ يناجي الله ويقول: {رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ
إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24].

-12 عجب أبوهما الشيخ
الكبر من عودة ابنتيه مبكرتين، فقصتا عليه قصة الرجل الغريب الذي سقى
لهما، فأمر إحداهما أن تعود إليه، وتبلغه دعوة أبيها ليجزيه على عمله.

فجاءته تمشي على استحياء، قالت: {إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا} [القصص: 25].

فلبى موسى الدعوة، وسار مع ابنة الشيخ، قالوا: وقد طلب منها أن تسير خلفه
وتدله على الطريق، لئلا يقع بصره على حركات جسمها، وذلك عفة منه.

-13 دخل موسى على الشيخ الكبير، فرحب به، وقدم له القِرى، وسأله عن خطبه،
فقص عليه القصص، ووصف له حاله وحال بني إسرائيل في مصر، قال: {لا تَخَفْ
نَجَوْتَ مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: 25] .



ذكر كثير من المفسرين والمؤرخين أن هذا الشيخ الكبير هو شعيب عليه السلام،
واستشكل آخرون ذلك، وعلى كل حال فلا بد أن يكون إما شعيباً أو أحد أقاربه
من سلالة مدين، أو أحد المؤمنين الذين نجوا مع شعيب بعد إهلاك أهل مدين،
وقد نرجح أن يكون شعيباً لحديث ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن
لم يبلغ درجة الصحة.

-14 قالت إحداهما: {يَا أَبَتِ
اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ}
[القصص: 26]، فأُعجب الشيخ برأي ابنته، وعرض على موسى الزواج من إحدى
ابنتيه اللَّتين سقى لهما موسى.

قال: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ
أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي
ثَمَانِيَةَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا
أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ
الصَّالِحِينَ} [القصص: 27].

وبذلك شرط عليه أن يكون مهر ابنته أن يخدمه ثماني سنين، فإن زادها إلى عشر سنين فهي زيادة غير مفروضة.

فوافق موسى، ونجز العقد مع الشيخ، فقال: "ذلك بيني وبينك أيَّما الأجلين قضيتُ فلا عدوان عليّ والله على ما نقول وكيل".

وتمت المصاهرة بينهما، قالوا: واسم ابنة الشيخ التي صارت زوجاً لموسى "صفورة".

-15 لبث موسى عند صهره الشيخ في مدين يخدمه حسب الشرط، وقضى في خدمته أوفى الأجلين وهو عشر سنين.

وقد ولدت له امرأته "صفورة" في مدين ولداً سماه "جرشوم" ومعناه: غريب المولد.

ثم تحرك قلب موسى أن يعود بأهله إلى مصر، وعزم على المسير واستعد له، ولما
أراد الفراق أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه ما يعيشون به،
فأعطاها ما ولدت غنمه في ذلك العام من قالب لون - يقال: شاة قالب لون، أي:
على غير لون أمها -.

فعن عقبة بن المنذر فيما رواه البزار، أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم سُئل أي الأجلين قضى موسى؟ قال: "أبرهما
وأوفاهما"، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن موسى عليه السلام لما
أراد فراق شعيب عليه السلام، أمر امرأته أن تسأل أباها أن يعطيها من غنمه
ما يعيشون به، فأعطاها ما ولدت غنمه في ذلك العام من قالب لون. قال: فما
مرت شاة إلا ضرب موسى جنبها بعصاه فولدت قوالب ألوان كلها، وولدت اثنتين أو
ثلاثاً كلُّ شاة، وليس فيها فشوش، ولا ضبوب، ولا كميشة تفوت الكف ولا
ثغول". أي: جاءت على غير ألوان أمّهاتها سالمة من العيوب.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا فتحتم الشام فإنكم ستجدون بقايا منها وهي السامرية".

-16 سار موسى بأهله من أرض مدين في فصل الشتاء، واستاق الغنم، ولما بلغ
إلى قرب الطور ضلَّ الطريق في ليلة باردة. قالوا: وكانت امرأته حاملاً،
وأراد موسى أن يوري ناراً فصلد زنده فلم يقدح له، وبينما هو كذلك إذ رأى
جانب الطور ناراً، فقال لأهله: {امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي
آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه: 10]،
أي: من يدله على الطريق إلى مصر.

فلما أتى موسى النار من جانب
الشجرة المباركة، سمع نداء: {يا موسى. إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ
نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ
فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى} [طه: 12-13].

-17 فأوحى الله له ما
أوحى، وكلّفه أن يحمل الرسالة إلى الطاغي فرعون، وأعطاه الله الآيات، وطلب
موسى من ربه أن يرسل معه أخاه هارون، ليكون له ردءاً، وأثنى موسى على أخيه
بين يدي ربه بأنه أفصح منه لساناً، وقال موسى: {رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ
مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِي * وَأَخِي هَارُونُ هُوَ
أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي
أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِي} [القصص: 33-34].



قال الله
له: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلا
يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنْ اتَّبَعَكُمَا
الْغَالِبُونَ} [القصص: 35].

-18 وحمل موسى الرسالة، ومعه
المعجزات، ودخل مصر وقابل فرعون مع أخيه هارون، وكان من أمرهما ما سبق أن
شرحناه في معجزات موسى عليه السلام.

-19 وخرج موسى ببني إسرائيل من مصر، وأنجاه الله من فرعون وقومه.

ثم ذهب لمناجاة ربه وتلقى من ربه الألواح وفيها الوصايا الإِلهية، وعاد
إلى قومه فوجدهم قد عبدوا العجل الذي اتخذه لهم السامريّ، وكان من شأنه
معهم ما سبق بيانه عنه الكلام على معجزاته عليه السلام.

-20 ثم
طلب من بني إسرائيل أن يدخلوا الأرض المقدسة -وهي أريحا- مجاهدين في سبيل
الله بعدما أراهم المعجزات الباهرات، فقالوا له: "إن فيها قوماً جبارين" ..
و"إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها"، وقالوا له أيضاً: "فاذهب أنت وربك
فقاتلا إنا ههنا قاعدون"!!

فغضب موسى ودعا عليهم فقال: "ربِّ إني لا أملك إلاَّ نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين".

فقال تعالى: {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ} [المائدة: 26].

وهكذا لبثوا في التيه أربعين سنة، يتردَّدُون في برية سيناء وبرية فاران
"صحراء الحجاز"، ويترددون أيضاً حوالي جبال السَّرَاة وأرض ساعير وبلاد
الكرك والشوبك. والله أعلم.

-21 من الأحداث التي جرت لموسى عليه
السلام لقاؤه بالعبد الصالح -الذي ورد أنه الخضر-، وقصة لقائه به مبسوطةٌ
في القرآن الكريم في سورة الكهف.

-22 ومن الأحداث التي جرت له
إيذاء قارون له وطعنه افتراءً في شرفه، فدعا موسى عليه فخسف الله به وبداره
الأرض، وكان قارون رجلاً غنياً، قد بلغ من غناه أنه كان عنده من الكنوز ما
إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة، فلم تغنِ عنه من الله شيئاً.

-23 ثم أوحى الله إلى موسى أني متوفٍ هارون، فأتِ به إلى جبل كذا وكذا
فانطلقا نحوه، فإذا هما بسرير فناما عليه، وأخذ هارونَ الموتُ ورُفع إلى
السماء. ورجع موسى إلى بني إسرائيل، فقالوا له: أنت قتلت هارون لحبِّنا
إياه، قال موسى: ويحكم أفترونني أقتل أخي؟! فلما أكثروا عليه سأل الله،
فأنزل السرير وعليه هارون، وقال لهم: إني مت ولم يقتلني موسى، وكان ذلك في
التيه، وكان عمر هارون حين توفي (122) سنة.

-24 ثم توفي موسى
عليه السلام بعد أخيه هارون بأحد عشر شهراً في التيه. قالوا: وقد بلغ عمره
(120) سنة، ولما جاءه ملك الموت وعلم أن الموت لا بد منه قال: (ربِّ أدنني
من الأرض المقدسة رميةً بحجر)، فأُدني من الأرض المقدسة ودفن هناك.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "جاء ملك
الموت إلى موسى عليه السلام فقال له: أجب ربك، قال: فلطم موسى عين ملك
الموت ففقأها، قال: فرجع الملك إلى الله فقال: إنك أرسلتني إلى عبدٍ لك لا
يريد الموت وقد فقأ عيني، قال: فردّ إليه عينه، وقال: ارجع إلى عبد فقل:
الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متنِ ثورٍ فما وارت يدُك من
شعرة فإنك تعيش بها سنة، قال: ثم مَهْ؟ قال: ثم تموت، قال: فالآن من قريب،
ربِّ أدنني من الأرض المقدسة رمية بحجر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر". رواه
البخاري ومسلم.

(ب) وقد بسط القرآن الكريم في نَيِّفٍ وثلاثين
سورة حياة موسى من ولادته ونشأته، وفراره من مصر، ودخوله أرض مدين، وزواجه
ابنة شيخ مدين، وعودته إلى مصر، وتكليم الله له في جانب الطور، وتحميله
الرسالة، ودعوته إلى فرعون وملئه، والمعجزات التي جرت في حياته، وخروجه من
مصر ببني إسرائيل، ونجاتهم بالمعجزة، وغرق فرعون وجنوده في البحر، ونزول
التوراة عليه والصحف، وعبادة قومه العجل، وسائر الأحداث الهامة التي جرت في
حياته، مما أوجزناه هنا وفي الكلام عن المعجزات. وما بسطه القرآن الكريم
من ذلك في غاية الروعة والإِعجاز، ويحمل من العبر والأخبار ما يدلنا على
مدى أهمية رسالته عليه السلام.

نوح عليه السلام
1].
وقد أرسله الله إلى قومٍ فسد حالهم، ونسوا أصول شريعة الله التي أنزلها
على أنبيائه ورسله السابقين، وصاروا يعبدون الأوثان. وقد أثبت القرآن
الكريم خمسة أوثان لهم، كانوا يقدسونها ويعبدونها، وهي: (وَدّ - سُوَاع -
يَغُوث - يَعُوق - نْسْر). قال الله تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ
آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ
وَنَسْرًا} [نوح: 23].



نسب نوح:

يذكر
النسَّابون أنه: نوح (عليه السلام) بن لامك بن متوشالح بن إدريس ("أخنوخ"
عليه السلام) بن يارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث (عليه السلام) بن
آدم (عليه السلام) أبي البشر. والله أعلم.



حياة نوح مع قومه في فقرات:

وقد ذُكرت قصة نوح مع قومه في ست سور من القرآن الكريم بشكل مفصَّل، وأبرز ما فيها النقاط التالية:

-1 إثبات نبوته ورسالته.

-2 دعوته لقومه دعوة ملحَّة، وثباته وصبره فيها، واتخاذه فيها مختلف الحجج والوسائل.

-3 إعراض قومه عنه، فكلما زادهم دعاءً وتذكيراً زادوه فراراً وإعراضاً، وإصراراً على الباطل، واحتقاراً لأتباعه من الضعفاء.

-4 عبادة قومه الأوثان الخمسة التي مرَّ ذكرها، وضلالهم الكثير.

-5 تنكّر قومه لدعوته، وتكذيبه فيها بحجة أنه رجل منهم، ثم طلبهم إنزال العذاب الذي يَعِدهم به.

-6 شكوى نوح إلى ربه أن قومه عصَوْه، واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلاَّ خساراً.

-7 إعلام أو إخبار الله لنوح بأنه لن يؤمن من قومه إلاَّ من آمن، وذلك بعد
زمن طويل لبعثه فيهم وهو يدعوهم ويصبر عليهم، وقد تعاقبت عليه منهم أجيال.


-8 دعوة نوح عليهم بقوله: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ
الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ
وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: 26-27].

-9 أمْرُ
الله لنوح أن يصنع السفينة - وقد كان ماهراً في النجارة - وذلك تهيئة
لإِنقاذه هو ومَن معه من الطوفان الذي سيغسل الأرض من الكفر.

-10 سخرية قوم نوح منه كلما مرَّ عليه ملأَ منهم ورأَوْهِ يصنع السفينة، وذلك إمعاناً منهم بالضلال وهم يَرَون منذرات العذاب.

-11 حلول الأجل الذي قضاه الله وقدَّره للطوفان، وكان من علامة ذلك أن فار الماء من التَّنُّور.

-12 أمر الله لنوح أن يحمل في السفينة:
Mr.halhoul
Mr.halhoul
المدير العام
المدير العام
ذكر

عدد المساهمات : 5518

نقاط : 32524

ت.التسجيل : 12/12/2009

العمر : 34

اين تعيش : المغرب - الفنيدق

العمل/الترفيه : طالب

المزاج : هادئ

قصص الأنبياء جميعاً تجدها هنا  Empty رد: قصص الأنبياء جميعاً تجدها هنا

الجمعة 21 أكتوبر 2011, 21:52
جزاك الله خيرا اخي احمد على هدا الموضوع وجعله الله في ميزان حسناتك
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى